قال السهيلي: كانت مساجد المدينة تسعة سوى مسجد النبي، كلهم يصلون بأذان بلال، كذلك قال بكير بن عبد الله بن الأشج فيما روى عنه أبو داود في مراسيله، والدارقطني في سننه، فمنها مسجد راتج، ومسجد بني عبد الأشهل، ومسجد بني عمرو بن مبذول، ومسجد جهينة وأسلم، وأحسبه قال: مسجد بني سلمة، وسائرها مذكور في السنن.
وذكر ابن إسحاق في المساجد التي في الطريق، مسجدًا بذي الخيفة، كذا وقع في كتاب أبي بحر بالخاء معجمة، ووقع بالجيم في كتاب قرئ على ابن السراج وابن الإفليلي وأحمد بن خالد.
* بقيع الغرقــد:
البقيع وهو مدفن أهل المدينة النبوية، وفيها تدافن أكثر أهل المدينة، وفيه قبة العباس بن عبد المطلب عم النبي، وفيها معه الحسن بن علي، وكان الحسن أوصى أن يُدفن مع النبي إلا أن يخاف أن يراق في ذلك محجم دم، فمنعه مروان، وكادت الفتنة أن تقع، وأبى الحسن إلا أن يدفن مع جدِّه، فكلمه عبد الله بن جعفر ومسور بن مخرمة، فدُفن بالبقيع في قبة العباس، وفيها أيضًا زين العابدين وابنه محمد الباقر، وابنه جعفر الصادق.
وفي البقيع أيضًا قبة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وكان موضع القبة وما حوله بستانًا لرجل من الأنصار اسمه كوكب، وكان يقال حش كوكب -والحَشّ: البستان- فإشتراه عثمان، وزاده في البقيع، وكان يقول: إنه يدفن ها هنا رجل صالح، وكان أول من دفن بهذه الزيادة.
وفي البقيع أيضًا قبة إبراهيم بن النبي، وقبة فاطمة الزهراء رضوان الله عليها، وفي البقيع أيضًا جماعة من أزواج النبي وعمته صفية، وفيه خلائق من الصحابة والتابعين، وفيه قبة مالك بن أنس، إمام دار الهجرة.
وأول من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون، قال المطلب بن عبد الله بن حنطب: أول من دفنه النبي بالبقيع عثمان بن مظعون، ثم قال لرجل عنده: «اذهب إلى تلك الصخرة فأتني بها حتى أضعها عند قبره، فمن مات من أهلنا دفناه عنده»، رواه ابن أبي شيبة.
قال علي بن أبي طالب: ... ثم اتبعه إبراهيم بن محمد رسول الله، رواه ابن أبي شيبة أيضًا.
قال الأصمعي: قطعت غرقدات في هذا الموضع حين دفن فيه عثمان بن مظعون، فسمي بقيع الغرقد لهذا.
وقال الخليل: البقيع من الأرض موضع فيه أروم، وبه سمي بقيع الغرقد، والغرقد: شجر كان ينبت هناك، والبقيع يلي باب المدينة الذي في جهة الشرق الذي وراء دار عثمان بن عفان، ومنه نخرج إلى البقيع.
المصدر: موقع الحج والعمرة.